الرئيسية / الأخبار / الرحمة في الإسلام
الرحمة في الإسلام

الرحمة في الإسلام

إن الرحمة خلق يدل على نبل الطبع وسمو الروح ، ونقاء المعدن ، وكلما زادت معاني الرحمة في إنسان دل ذلك على اكتمال شمائله ، ونضج فضائله ، وقد بلغت الرحمة نسقها الأعلى في شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله رحمة للعاملين ، فكانت سيرته مع الناس نموذجاً للرقة واللطف ، والسماحة والعطف ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ ا لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ﴾ آل عمران ” 159 “. وقد جاء في حديثه الشريف : إن أبعد الناس من الله تعالى القاسي القلب رواه الترمذي وقد أمر الإسلام بالتراحم، وجعله من دلائل الإيمان الكامل، فالمسلم يلتقي بالناس قاطبة وفي قلبه لهم عطف مذخور، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لن تؤمنوا حتى تراحموا . قالوا يارسول الله كلنا رحم ، قال : إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه. ولكنها رحمة عامة ” رواه الطبراني . أجل ، فإن الرجل قد يهش لأصدقائه حين يلقاهم ، وذلك أمر يشيع بين الكثير ، بيد أن المفروض في المؤمن أن تكون دائرة رحمته أوسع ، فهو يبدي بشاشته ، ويظهر مودته ورحمته لعامة من يلقى .
وقد جاءت الأحاديث حاثة على هذه الرحمة الشاملة فقال رسول الله: ” من لايرحم الناس لايرحمه الله ” رواه البخاري زاد في رواية : ومن لايغفر لايغفر له ” من لايرحم من في الأرض لايرحمه من في السماء ” رواه الطبراني ، وقال طوبى لمن تواضع في غير منقصة . وذل في نفسه من غير مسألة ، وأنفق ما لاً جمعه في غير معصية، ورحم أهل الذل والمسكنة وخالط أهل الفقه والحكمة ” رواه الطبراني .
والذلة في غير مسكنة تعني السكينة للمؤمنين والليونة معهم.
وقد وصف الله المجتمع المسلم أنه متماسك بهذا العطف المتبادل فقال: ﴿َأ ذِلَّةٍ عَلَى ا ؤْملُْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾
المائدة ) 54 ( وقال ﴿ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ﴾ الفتح 29 والإسلام رسالة خير وسلم وعطف على البشر كلهم، وقد قال الله لرسوله: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِ رَحْمَةً لِّلْعَا يَملِنَ﴾ الأنبياء 107 ونبه الإسلام إلى أن هناك أقواماً مخصوصين ينبغي أن يحظوا بأضعاف الرحمة والرعاية . من هؤلاء ذوو الأرحام والوالدان قال تعالى: ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقلُ ربَِّّ ارحَْمْهُمَا كمََا ربََّيَانِي صَغِيرًا﴾ الإسراء 24 . ثم الأولاد عن أبي هريرة – -: قبل رسول الله الحسن والحسين بن علي بن أبي طالب وعنده الأقرع التيمي فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ماقبّلت منهم أحداً قط ، فنظر إليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم – وقال:
من لايرحم لايرُحم .
وممن تجب الرحمة بهم اليتامى ، فإن الإحسان إليهم والبربهم وكفالة عيشهم وصيانة مستقبلهم ، من أزكى القربات ، بل إن العواطف المنحرفة تعتدل في هذا المسلك فعن أبي هريرة أن رجلاً شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال له : أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك : ارحم اليتيم وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك ” رواه أحمد، ومن الرحمة المطلوبة الرفق بالحيوان، قال رجل يارسول الله إني لأرحم الشاة أن أذبحها فقال ” إن رحمتها رحمك الله ” والإسلام شديد المؤاخذة لمن تقسوا قلوبهم على الحيوان ويستهينون بآلامه وقد بين أن الإنسان على عظم قدره يدخل النار في إساءة يرتكبها مع دابة عجماء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دخلت امراة النار في هرة حبستها فلم تطعمها ، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض . رواه البخاري، كما بين أن كبائر المعاصي تمحوها نزعة رحمة تغمر القلب .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش.
فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ثم خرج ، وإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل : لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني. فنزل البئر فملأخفه ماءً، ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب. فشكر الله تعالى له فغفرله لئن كانت الرحمة بكلب تغفر الذنوب فإن الرحمة بالبشر تصنع العجائب .

عن إدارة التحرير

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى