الرئيسية / الأخبار / لماذا الإنسان ولأي شيء خلق؟!
لماذا الإنسان ولأي شيء خلق؟!

لماذا الإنسان ولأي شيء خلق؟!

من أهم ما يبدو منطبعا في ذاكرة الإنسان منذ شبابه، وربما من قبل، هي صورة الحياة والموت، البداية والنهاية.. لأنها الصورة التي تبقى في الذهن المتيقظ وتلون ما يبدو معها وما حولها من صور الحياة الثابتة والمتجددة.. والإنسان ربما تساءل في وقت مبكر من وعيه، عن الموت والحياة.
عن الغيب والشهادة عن الماضي الذي لم يره، والمستقبل الذي لا يدرى يصل إليه أولا يصل..وهو تساءل فطري لا يملك الإنسان معه أن يصمت عنه أو يخفيه في ذاكرته .. فهو يجب أن يعلم ما هي الحياة، ولماذا؟! ولأي شيء خلق؟ وما هو الموت؟ ولماذا يفنى؟ وكيف سيعود؟! نفترض هذه الأسئله من إنسان مسلم أخذ الإسلام عن والديه وآمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والموت والبعث.. وما يصاحب الإيمان من تصور للخير والشر والمحاسبة العادلة على الفعل المختار خيرا كان أو شرا .. وما يقتضيه الإيمان من تعامل مع الآخرين يغلب عليه الخير في ظل المعروف والعدل والإحسان..
وهو في هذه الدائرة الإيمانية المتسعة للدنيا والآخرة، لابد له أن يتساءل ويبحث عن أجوبة مقنعة ومريحة.. فإذا علم أنه خلق ليعبد الله ويسلم إليه أمره، وليتخذ من هذه العبادة طريقا سالكة إلى علاقة طيبة وجيدة مع الله سبحانه ومع الناس من حوله .. أمكن أن يستفيد ويجعل عمله هذا عملا صالحا يرصد في حسابه ويسجل في حسناته، ويرقى به إلى مستوى كريم من الحياة الهادئة المطمئنة الطيبة.. إننا ندرك بالفطرة أنه لا شيء يصنع عبثا وبدون قصد، وكذلك الإنسان لم يخلق عبثا- كما في القرآن الكريم – ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ سورة المؤمنون الآية 115 .
لقد تظافرت الأخبار وآراء الباحثين على أن “العبثية” تصور خاطئ ترفضه طبائع الأشياء ولا يمكن أن تبنى عليها حقيقة ثابتة، وهي إن وجدت فضاء مناسبا، وذهنا فارغا من الإيمان أنشبت أظفارها وتركت لتطوراتها وأوهامها أن تتجذر في تربية الفراغ وفضاء الجهل.. إن الإنسان مخلوق لغاية وموجه برسالة ترشده وتهديه ، وهو مطالب بأن يكون في عبادة الله طائعا غير مكره .. وبالله غير مشرك فإذا علم هذا واستجاب كان عليه أن يواصل مسيرة الخلافة في الأرض
وتطلعاته الواعية إلى الحياة الآخرة بحيث يحقق انسجاما واضحا بين نظرته لهذه الحياة والحياة الآخرة.. هكذا هو الإنسان لم يخلق عبثا بل ليعبد الله ويسلم إليه أمره.. ومن العبث أن يتصور بعض الناس أنهم خلقوا ليعيشوا حياتهم وفق الأهواء، غير مدركين لسنة الله القاضية، بمسؤولية الإنسان ومحاسبته على الصغيرة والكبيرة ﴿وَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ سورة الكهف الآية ..49 إن من أولى واجبات الشاب المسلم حين يودع مرحلة الصبا، ويقبل
على فترته الجديدة – فترة البلوغ .. وبداية النضج الفكري والسلوكي.. مسئولية وفهماً جيداً، لأنها فترة تبدأ بمسؤوليات محددة لا يسهل تركها أو النفور منها: إنها مسؤولياته الدينية والاجتماعية، فهو مطالب أن تكون عقيدته بالله سليمة من الشرك والتشويه، بعيدة عن أهواء النفس وإغواءات الشيطان.. ولكي تكون عقيدته سليمة من التشويه أو الضعف لابد أن يعلم علم اليقين أن الله واحد متفرد بالخلق والصنع والإبداع ، وأن كل ما نراه ونحسه هو خلق لله يصغر أو يكبر، يغيب عن أنظارنا أو يظهر .. وأنه لا يقع في ملك الله إلا ما أراد وقدر.. وأن الإيمان بالقضاء والقدر يلازم الإيمان بالله وبقدرته على الفعل كيف
شاء وكما يريد .. لاراد لقضائه ولا معقب لحكمه… والإيمان بالله وتوحيده يكمل ويستقيم بالعبادة السليمة وحسن الأداء الجيد لفروض الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمل الصالح المبرور.. فإذا التزم الشاب بهذه الفروض والقواعد الأساسية، أمكن لسلوكه مع الناس أن ينصلح ولخطاه على مسارب الحياة أن تنتظم وتستقيم..والرسول صلى الله عليه وسلم نفى أن يكون المرء مؤمنا وهو يكره أخاه .. فقد قال :لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه( واستمع إلى قولته الأخرى الصادقة العامة الناس عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله !!. للمسلم دائرتان للتعامل العام .. دائرة المؤمنين بالإسلام .. ودائرة النافرين إلى دوائر أخرى .. وهو مع إخوته المؤمنين أشد محبة وأقوى صلة، ومع الآخرين المخالفين الإيمان وطرائق الحياة الأخرى يعطيهم حقهم في الإنسانية أو الجوار أو المواطنة ماداموا على السلم والأمن محافظين ومسالمين..

* قال : أرأيت لو أني كرهت عمل أخي، ونفرت منه لخطأ ارتكبه أو جريمة اقترفها؟!.
قلت : إنه في هذه الحالة محتاج إليك تصلح من خطئه وتهون عليه ثقل هذه الجريمة وتفتح أمامه سبيل التوبة والصلاح .. وما الفائدة منك إذا كنت معه وقت الرخاء ثم نفرت منه وقت الشدة وحاجته إلى نصحك وعونك؟!.
قال : أليس عليه أن يتحمل وزر ماارتكب ونتيجة مافعل؟!.
قلت : ومع ذلك هو محتاج إلى موقف منك تواصل من خلاله صلة الود السابقة ورابطة الألفة الصادقة .. ألم تر أننا في حالة أخطائنا، نتمنى أن لو كان معنا من يرد عنا الفعل قبل أن يقع !. قال : وكيف أردعه من الخطأ وقد وقع ؟!
قلت : تساعده على إصلاح خطئه وتحقيق الصلح مع خصمه، وترغبه في التوبة والصلاح حتى يرغب ويتوب.. قال: هذا يعني أن تلاحم الناس وصدق الود فيما بينهم ضرورة حياتية لا يمكن أن يستغني عنها مجتمع؟!
قلت : كل المجتمعات الإنسانية محتاجة إلى الود والمحبة . والفرد الواحد في هذه المجتمعات محتاج هو الآخر والناس من حوله ومحبتهم له ، تنصلح بودهم حالته وتستقيم معيشته، وبحبهم ترقى مشاعره ويحفظ حياته من آثار الكراهية والحقد عليه وعلى الناس.. قال : لو ملك الناس أنفسهم وشدوها على خلق المحبة والود ما أمكن لنزعات الشر أن تعلو ولا لأصوات الضلال أن تسود!! إن الشر يبدأ في التوسع في كل فضاء فارغ من الود والمحبة..
إننا نخطئ عندما نبصر الخطأ في تصرفات الآخرين لكنا لا نحاول البحث عن أخطائنا المماثلة! قلت : إننا جميعا نخطئ وقد نسئ التصرف مع الآخرين ، ولكن يظل خيرنا وأفضلنا درجة ومكانة من يسرع فيصلح خطأه ويستسمح خصمه ويعلن أمام الله سبحانه توبته .. هذا هو الصالح المتميز بين كل الخطائين ..ألم تسمع قول الرسول صلى الله عليه وسلم .. “كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون”..

عن إدارة التحرير

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى