الرئيسية / الأخبار / قرأة القرآن الكريم خشوع وتقرب من الله
قرأة القرآن الكريم خشوع وتقرب من الله

قرأة القرآن الكريم خشوع وتقرب من الله

لم أكن أتصور أبدا،أن تصل وقاحة البعض من البشر- بله أن يكونوا مسلمين- إلى هذا القدر من الإسفاف والانحطاط الأخلاقي والروحي، والطمع والجشع المادي الرخيص،حتى يبلغ بهم الأمر حد التجرء على أقدس مقدسات المسلمين، وأساس قاعدة منظومة قيمهم الروحية والإنسانية الفطرية، فيضعونها موضع سخريتهم واستهزائهم وعبثهم، غير مبالين بقدسيتها أو مراعين مشاعر المسلمين نحوها؛ والأغرب من هذا كله، أنهم منهم وإليهم،عرب مسلمون!! يفترض أنهم ليسوا أقل منهم احتراما وتقديرا وإجلالا وتقديسا وتعظيما لكتاب الله،ومن ثَمَّ يتوجب عليهم تجنيبه سفاسف الحياة الدنيا ومتاعها الزائف الزائل لا محالة، والنأي به عن وساوس النفس الأمارة بالسوء ونزقها العبثي، لكي يظل محترما مهابا. أقول هذا وقد لفت نظري وشد انتباهي- مصادفة- بروز ظاهرة استغلال أو توظيف كتاب الله القرآن الكريم،في دعاية إعلامية تجارية،لسلع ومنتجات استهلاكية،وبأسلوب سمج، وصورة تعد قمة في السخف والانحطاط الأخلاقي والروحي، بل هو فجور وكفر بواح بالمقدسات الإسلامية،يمثل في نظري أعظم وأقبح ما يمكن أن يوجه إلى أي مقدس ديني- ما بالك بكتاب الله العزيز- من إهانة وسخرية واستهزاء،جهارا نهارا، وعلى الملأ أمام الجميع، دون أن يرف لهم جفن أو يتحرك لهم ضمير؛حيث سخروه ووظفوه لأسبان ودوافع مادية صرفة،في دعاية إعلانية تجارية،بغية الترويج لمنتجات استهلاكية،الأدهى والأمر أنها منتجات أو سلعا ترفية عبثية زائدة،أغلب الظن أنها ضارة بصحة من يستعملها،ولا يُقبل عليها أو يبحث عنها سوى سفهاء المراهقين من الجنسين كبارا أو صغارا، العابثين بالحياة لعدم معرفتهم بقوانينها الطبيعية العادلة، التي أودعها الخالق فيها،إذ جعل لكل أمر قدرا مقدورا، ولكل شيء حدا معلوما،إذا تجاوزه انقلب إلى ضده. وبغض النظر عن قناعتي الشخصية في المسألة،إلا أني أتفهم، وبحكم معطيات الواقع في هذا العصر،الذي غلب فيه على كثير من الناس سلوك اللهث وراء الكسب المادي الرخيص، كيفما اتفق لهم ،على قاعدة:الغاية تبرر الوسيلة،لكي يصلوا إلى أقصى درجات الإشباع الجسدي المادي، الذي أضحوا عبيدا له! وقد صار أمرا واقعا لا مجال لإنكاره أو تجاهله، حيث فرض قوانينه على كل إيقاعات حياتنا المعاصرة،إلا أني لا يمكن أن أستوعب أو أتفهم أن يقدم إنسان ما،وبالذات أن يكون مسلما!!،على تأسيس أداة أو وسيلة إعلامية،أو أي مصدر كسب آخر،ويسمح لنفسه أن يستغل أو يوظف فيها- عن عمد وقصد- أعز وأقدس مقدسات الإسلام والمسلمين،الذي هو القرآن الكريم، في دعاية تجارية بالصوت والصورة والحرف،وبآخر ما توصلت إليه أحدث مبتكرات تقنيات صفاء ووضوح الصورة والصوت وتناسق الألوان الجذابة، بهدف شد انتباه المتلقي ولفت نظره للقناة،لعرض دعايته وتمرير إعلانه، من خلال أسلوب دعائي خبيث، يتعمد مخاطبة غرائز المتلقي وشهواته البهيمية،بهدف إثارتها وتهييجها،لكي يكون إلحاحها وضغطها عليه أشد وأقوى من المستوى الطبيعي،الذي لا تعادله أي قوة أخرى في الإنسان، وربما في أي شيء آخر، لحكمة يعلمها الخالق جل وعلا!!؛وهذا لعمري أمر ينبغي أن لا يكون مقبولا لدى أي مسلم،ولا يسمح به أبدا،على الأقل من جهة كونه يوظف و يستغل القرآن الكريم في دعاية تجارية رخيصة،بعد أن اختار لها أعذب وأجمل الأصوات و الحناجر البشرية، التي وهبها الله جل جلاله مزمارا من مزامير آل داوود- عليه السلام-
لتصدح بكتاب الله ترتيلا وتجويدا،يأسر العقول ويخلب الألباب، ويثير في النفوس المؤمنة أحاسيسها ومشاعرها الطاهرة النبيلة، في رهبة و خشوع لله تبارك وتعالى. إن هذه العقلية الإعلامية المادية،الوليد الشرعي للفلسفة الرأسمالية الاستغلالية المقيتة، تدرك تمام الإدراك الأسلوب الذي يمكنِّها
من الوصول إلى ما تريد،بأقل جهد ووقت وتكلفة، بغض النظر عن الأداة أو الوسيلة التي تستعملها من أجل ذلك،حتى لو كانت على حساب حياة البشر،فما بالك بمشاعرهم وأحاسيسهم وعواطفهم وحشمتهم وحيائهم، ورموزهم الدينية المقدسة؛ لأن العقلية الإعلامية الرأسمالية عموما،وعقلية فن
الدعاية والترويج بالذات،القائمة على الخداع والتحايل والغش والتضليل والكذب على المتلقي،هي عقلية ما دية صرفة،مجردة من كل القيم والمثل والمبادئ الإنسانية النبيلة؛إذ هاهي بعد أن استغلت المرأة ولا زالت تستغلها ومنذ سنين طويلة، في الدعاية والإغراء والإغواء الجنسي المبتذل،لتحولها إلى مجرد لعبة سخيفة في يد طلاب المتعة الماجنة من أراذل الرجال،إلى حد فقدت معه أنوثتها الطبيعية وجمالها الخِلقي،حتى صارت جنسا آخر،لا هي بالمرأة ولا هي بالرجل!!، ثم ها هي أخيرا تتحول إلى الرموز الدينية الروحية المقدسة، لتستغلها هي الأخرى في الدعاية التجارية،لتروج وتسوق بواسطتها سلعا ومنتجات استهلاكية،بغية مضاعفة دخلها،بعد أن أدركت أن القرآن الكريم على سبيل المثال،تتشوق نفس المسلم لسماعه بكل أحاسيسها ومشاعرها، تعبدا وتبركا به،آسرا كل مشاعرها إليه،دون أن تكله أو تمله أبدا،وخاصة إذا ما تناهى إلى سمعها من صوت شجي عذب!؛ ومن هنا عمل العقل الإعلامي الدعائي الرأسمالي، على توظيفه في هذا الميدان بكل جرأة ووقاحة،غير مبال ولا عابئ بأحد،في سبيل الترويج لمنتجات يزعم
أنها قادرة على علاج مشاكل بعض الناس، ممن يعانون قصورا في وظيفتهم الجنسية،حاثة إياهم على الإسراع والمبادرة لاقتنائها في أقرب وقت ممكن!!،دون أن تغفل كعادتها الإشارة إلى أن الكمية محدودة، لتدفعهم إلى الإسراع أكثر لابتياعها!!؛ ناهيك عن الدعاية لبقية مواد الزينة والتزين والجمال والتجميل الصناعي الأخرى، من مساحيق وعطور وأصباغ ومعاجين،وما إلى ذلك من منتجات الزينة والأزياء!!،كل هذا السخف والسخافات وغيره، يفاجئك،
فتسمعه وتشاهده، وأنت تستمع إلى تلاوة للقرآن الكريم،ربما مع أفراد أسرتك أو بعض منهم،مما يوقعكم في حرج شديد، بسبب ما يسود علاقتكم من الحياء والاحتشام فيما بينكم،والحال أن الحياء شعبة من شعب الإيمان. قد يقول قائل:إن ما تبثه أو تذيعه وتروج له هذه القنوات، يعد من ضروريا هذا العصر، يبرره وجود هذه المشكلة التي فرضت نفسها،وليس من الحكمة في شيء السكوت عنها أو التستر عليها،بعد أن أضحت ظاهرة اجتماعية خطيرة،تتطلب
تدخل وسائل الإعلام، بغية تسليط الضوء عليها، والمساعدة في الحد من آثارها السلبية، العضوية والنفسية والاجتماعية، على كثير من الناس!؛ ربما يكون ذلك صحيحا،وإن كنت لا أعلم إلى أي مدى أضحت هذه المشكلة، تمثل فعلا ظاهرة صحية و اجتماعية، تتطلب التدخل لمعالجتها،وبهذا الأسلوب بالذات؟! بعيدا عن التوظيف المادي، واستغلال قيم المجتمع في ذلك؛إذ قد تكون المشكلة متصلة بأسلوب أو طبيعة الحياة العصرية،وما
يتصل بها من قلق وإرهاق وضغط نفسي، أو متعلقة بالغذاء كمّا ونوعا، أو الدواء غير المرشد، أو الكساء غير الصحي، أو بانتشار ظاهرة التحلل والانحلال في
العلاقات بين الجنسين،دون أي ضوابط أو قيود،والذي بلغ درجة زهد الطرفين في العلاقة الشرعية بينهما!!؛ أو بسبب التصور الخاطئ لدى الكثيرين منهم عن الآخر في هذه المسألة بالذات،نتيجة قلة وعيهم بها؛بالإضافة إلى ما تبثه هذه القنوات الإباحية من دعاية مضللة،عن العقاقير المنشطة والمثيرة أو المهيجة رغم آثارها المدمرة؛ إلا أنه رغم كل ما يمكن أن يقال في هذا الجانب،فإن اعتراضي عليه ينحصر في إقحام أو توظيف القرآن الكريم في هذه المسألة بالذات، وفي الدعاية التجارية بشكل عام،التي تكون مصاحبة للقراءة،الأمر الذي لا يتناسب مع جلال وقدسية واحترام كتاب الله العزيز بوجه من الوجوه فيما أرى،وفي مقدمتها المعلومات موضوع الدعاية التي نعنيها تحديدا، باعتبارها تافهة وسخيفة،وغير ذات فائدة،ولا تمثل أولوية أو أهمية تتطلب
توظيف القرآن فيها بكل عظمته وجلاله لتمريرها أو ترويجها، ولأن الكلام في هذه المسألة،خادش للحشمة والحياء الفطري في البشر، وخاصة بهذا الأسلوب الفض،رغم كل المحاذير الاجتماعية والدينية والاقتصادية والصحية؛عدا إمكانية التضليل والاستغفال والغش والاستغلال، الواردة بقوة في هذا الجانب بالذات. مقالات
يتبع العدد القادم عمر المجدوب

عن إدارة التحرير

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى