الرئيسية / الأخبار / يَضرِبُ بَعضُكُم رِقَابَ بَعضٍ
يَضرِبُ بَعضُكُم رِقَابَ بَعضٍ

يَضرِبُ بَعضُكُم رِقَابَ بَعضٍ

خلق الله الإنسان، وجعله خليفة في أرضه، وكرمه على كثير من
مخلوقاته، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ
وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ
خَلَقْنَا تَفْضِيلا﴾ً “سورة الأسراء: الآية 70 “، وسخّر له ما في الكون،
وميّزه بنعمة العقل، وأرسل له الرسل مبشرين ومنذرين، وجعل حرمة
دمه من أكبر الحرمات، والأعتداء على النفس البشرية من أكبر
الكبائر، قال تعالى : ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ
أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ
النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا..﴾
“سورة المائدة: الآية 32 “، وجاء الإسلام ليجعل من المسلمين أمة
واحدة، يوحد صفوفهم، ويجعلهم إخوة في الدين قال تعالى: ﴿إِنَّمَا
ا ؤْملُْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ “سورة الحجرات: الآية 10 “.
ولا غرو أن النبي صلى الله عليه وسلم لماّ هاجر إلى المدنية جعل من آولوياته ضم
الفئات المتناحرة، والقبائل المختلفة في بوثقة واحدة، فآخى بين
المهاجرين والانصار، وبين الأوس
والخزرج، وكانت دعوته دعوة إخاء
ومحبة ووئام بدل التناحر والخصام
الذي كان سائداً بين قبائل العرب
التى كانت تقوم بينها الحروب سنين
طويلة لأتفه الأسباب، وأرسى مبدأ الحوار بالحسنى، واللين مع
الآخرين وإن كانوا مشركين قال تعالى : ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ
بِا كِْحلْمَةِ وَا وْملَْعِظَةِ ا سْحلََنَةِ﴾ “سورة النحل: الآية 125 “، وَضرب
الرسول صلى الله عليه وسلم” أروع الأمثال في التسامح مع من أذاقوه وأصحابه أشد
أنواع العذاب بمكة فقال قولته المشهورة يوم الفتح المبين: “اذهبوا
فأنتم الطلقاء” ولا شك أن لهذا التسامح آثره الكبير في دخول
الناس في دين الله أفواجاً، فما بالنا اليوم نستحل دماء بعضنا بعضاً
— تفجيرات هنا وهناك، وحصد بالجملة لأرواح برئية تسقط في
المساجد، وتجمعات المآتم والأفراح وفي الاسواق والأماكن العامة،
وأصبحنا لا يمرّ علينا يوم إلا ونسمع عن الكثير من أعمال القتل
والدمار، وأصبح التناحر بين الفئات والمذاهب سمة عصرنا هذا،
بعدما كان مجتمعنا العربي الإسلامي موئلا للتعايش والتسامح بين
شتى المذاهب ومختلف الديانات، وعاش الجميع تحت ظل الإسلام
في أمن وسلام، واصبحت بلادنا بؤراً للتطرف والخصام، فاستبيحت
الحرمات، وأزهقت الأرواح، واتخذ المتطرفون من الإسلام أسماء
لطوائفهم وفرقهم وعملياتهم مشتقة من الإسلام، والإسلام من
ذلك براء، وجعلوا من دين التسامح والسلام أمام شعوب الإرض
مصدراً للارهاب، وقد بلغ في أحد بلادنا العربية عدد الذين قتلوا
في حوادت التفجير أكثر من الف ضحية خلال شهر واحد، وأصبح
مجرد الاختلاف في الرأى أو المذهب مبرراً للقتل والإغتيال، فلم تعد
للنفس البشرية حرمة، ولا للأمن والامان وجود.
إن ديننا الإسلامي دين الأمن والسلام جعل المسلم من سلم المسلمون
من لسانه ويده، وان هدم الكعبة أهون عند الله من سفك دم امرئ
مسلم، ويقول رسولنا الكريم في خطبة الوداع:
إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم
هذا في بلدكم هذا، وفيها يحذرنا “صلى الله عليه وسلم” من التناحر
والاقتتال، ويشير صراحة إلى أن المتقاتلين قد خرجوا من دين
الإسلام بقوله:
)فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض(
هذا هو الإسلام وسماحته، وتلك هي تعاليمه وآوامره، فلا تجعلوا –
هداكم الله – من الإسلام عكس ما آمر به، ونهى عنه.

عن إدارة التحرير

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى